لم يكد يمر رمضان حتى انطلقت قراراتهم الشيطانية وتحررت من أصفادها.. لم يمهلوا الناس الشقيانة هدنة لالتقاط الأنفاس . ولم يتركوا لهم فرصة لفرحة ، وأدوها فى اليوم الثانى للعيد، وكأن يوما واحدا يكفيهم لتناسى همومهم وأوجاعهم.
قرارات قاسية لاتعرف الرحمة بجيوب الغلابة التى باتت خاوية، لم تكد النفوس المتعبة تهدأ من معاناة تدبير احتياجاتها فى شهر الصوم ولم تكد تنتهى من تدبير مصارف الكحك والذى منه والتى انتهت فى الغالب بتقليص ميزانية البيت المخصصة له عبر تقليل الكمية أو الإكتفاء بصنف أو اثنين أو الاستغناء عنها جميعا.
أما ملابس العيد فأصبحت ترفا غير قابل للتحقق مع ضنك الحالة واضطرت كثير من الأسر لإقناع أولادها بإرتداء ما لديهم بعدما باتت اليد قصيرة عن شراء الجديد.
وكأن فرحتنا المغتصبة من ضيق الحال لاتكفيهم .. وكأن سعادتنا المجروحة بقلة ما فى أيدينا لا ترضيهم .. فتفتق ذهنهم عن تحميلنا المزيد، وأبوا أن يتركونا ننعم بوهم فرحة العيد .. لايدرون كم من التعب عاناه الشعب الشقيان لتدبير حاله فى رمضان، كم مرة أعادت فيها كل أسرة ميزانيتها جمعت وطرحت وقسمت وضربت وأطلقت الف لعنة ودعوة من قلوب مجهدة ترهقها قلة الحيلة لتدبير احتياجات الأولاد .. كم من الأساسيات إضطرت للإستغناء عنها .. كم من المعاناة التى تتكبدها فقط لينتهى الشهر على خير دون أن تمتد يدها للاقتراض .. كم من الرجاء والدعاء فى صلواتها ألا يحوجها الله لأحد وأن يكفيها شر المذلة بدين يريق ماء وجهها نهارا ويطير النوم من عينها ليلا.
وكأن تلك المعاناة لاتكفى القائمين على تدبير أحوالنا فأبوا إلا أن يحملونا المزيد .. لم يصبروا حتى تنتهى بهجة العيد المصطنعة حتى فاجأونا فى صبيحة يومه الثانى بقرار رفع اسعار الوقود .. ليصل سعر بنزين 95 لسبعة جنيهات ونصف وبنزين 92 لستة جنيهات وخمسة وسبعون جنيها وبنزين 80 لخمسة جنيهات ونصف وطن المازوت ثلاثة آلاف وخمسمائة !! وكعادتهم لم يكتفوا بقراراتهم المستفزة لكنهم ألحقوها بتلك التبريرات الأكثر إستفزازا من أن رفع الدعم شر لابد منه وأنه لولم يتم رفع الاسعار لوصل الدعم لأكثر من 150 مليار حنيه وأن رفع الدعم عن اسعار الوقود سيصب فى صالح الصحة والتعليم وزيادة الأجور !!
تبريراتهم غير المقنعة تبدو اقرب لتلك التبريرات التى ساقتها الراقصة المحترفة فيفى عبده عندما علقت يوما على إرتفاع سعر البنزين ورأت آ أنه لن يضر الغلبان لأنه بيمشى على رجليه ولايمتلك عربية يحط فيها بنزين !! فعلا الغلابة فى بلادنا ليس لديهم سيارات لكنهم لم تعد لديهم أيضا اقدام تتحمل السير ولا نفوسآ تتحمل مزيدا من التعب واضنك وبؤس الحياة !!
لكنهم مصرون على أن يخاطبونا وكأننا شعب من البلهاء، علينا السمع والطاعة والإقتناع بكل قراراتهم الحكيمة! يغريهم صمتنا على المزيد من الضغط وإحكام الخناق والحصار .. وكأنهم يراهنون على خنوعنا ورضوخنا ، وكأننا شعب من الأموات !!آ
بصراحة عندهم حق!